علّمنا الإسلام أنّك إذا أردت أن يكلمك الله فاقرأ القرآن أو استمع إليه فالقرآن وحي الله وكلامه، وإذا أردت أن تكلم الله جلّ في علاه فقم إلى الصلاة فأنت في صلاتك تناجي ربك متى شئت ليس بينك وبينه واسطة ولا حجاب فإذا وقفت بالمحراب فاجعل لسانك دليلاً على قلبك فأنت تكلم من يسمعك بكل اللغات، وليس بينك وبين الله ترجمان، يسمعك إن جهرت بصلاتك أو أسررت (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ) (الزخرف/ 80)، لقد شرع الله الصلاة لتكون صلة بينك وبينه وهو الغني عنك وأنت الفقير إليه، فاحرص على الاتصال به لتبثه شكواك وتناجيه وأنت قائم تصلي في المحراب. أليس غريباً أن يكون اتصالنا بالخلق أحب إلينا من اتصالنا بالخالق جل في علاه؟ ضيعنا ساعات النهار وساعات الليل في ثرثرة فارغة حتى صارت هواتفنا مصائبنا وإتلافاً لأموالنا وأعمارنا وحرباً على جيوبنا وجيوب آبائنا وأمهاتنا... علّمنا أبناءنا وبناتنا كيف يستخدمون الهاتف المحمول، فيسرنا لهم لعبة الشيطان الماكرة، ولعبة النفس الأمارة (إِنَّ النَّفْسَ لأمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي) (يوسف/ 53)، شغلتهم الهواتف بسحرها الأخاذ في مواقع العلم ومواقع العمل فصارت آذانهم لا تستريح إلا لرنة هاتف ولو في جوف الليل، ولو أنّهم جربوا حلاوة المناجاة لله في جوف الليل لوجدوا فيها لذة يحتقرون معها كل ثرثرة في هواتفهم. ليتنا نعلم أولادنا منذ نعومة أظفارهم كيف يستخدمون الهاتف الإلهي المكون من خمسة أرقام هي الصلوات الخمس وكل رقم من هذه الأرقام يفتح لنا الخط مع الله فنناجيه ونسأله ونستعين بقوته على ضعفنا وبغناه لفقرنا، وبعزته لذلنا، فصلاتك أعظم هاتف تحمله وأجل هاتف تكلم به ربك متى شئت ومتى أحببت.. تسأله فتجده قريباً منك (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) (البقرة/ 186)، اتصل به في كل وقت تجده معك، فالهاتف الإلهي لا يكون خارج الخدمة أبداً، وشبكة الاتصال بالله لا تتعطل أبداً، فإن عطلتها بنفسك ولم تستعن بالصلاة على حياتك ومشكلاتك كما أمرك ربك (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) (البقرة/ 45)، فإن لم تستعن كما أمرك فقد عرضت نفسك للاستعانة بالخرافات والأوهام ولجأت إلى العرافين والسحرة وتجار الأوهام (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) (الأعراف/ 197).